معلومة مش جديدة بس يمكن مفيش ناس كتير تعرفها، كل ما بتكتر قدامنا الخيارات بيكون الأختبار علي ثابت محدد صعب بالنسبالنا، يعني لو دخلت محل تشتري تيشرت وكان فيه خمس تيشرتات هتقدر تختار بشكل أسهل من لو كان فيه عشرين تيشرت مثلا!

زمان الخيارات مكنتش كتير عند الأجيال اللي عاشوا قبلنا بسنين كتير، عشان كدة الجيل بتاعنا بيتقال عنه جيل صعب ومعقد، لأن كل حاجة بقت متاحه لينا تقريبا ودورنا في الحياة دلوقتي هو الاختيار، بس يا تري لو قررنا نختار هنختار ايه وليه؟

الإنسان الناجح دايما بيقدر يحسب اختياره علي حسب النتائج اللي هتترتب علي الاختيار ده، بيفكر بتدقيق في كل التفاصيل اللي هتعود علي حياته من  الاختيار، ودايما اختيار الإنسان بيتوافق مع ميوله وطموحاته ، كل واحد فينا بيشوف حلمه في نفس المراية اللي بيشوف نفسه فيها، وكل سعي الإنسان بيتوقف علي طموحاته ورؤيته لنفسه قدام.

من القصص الحقيقية اللي شهدتها بنفسي، اختبار اتحكالي من صديقة جمعتنا الصدفة علي فيس بوك أكثر من سنه ونص ومكنتش أعرف عنها حاجه، وفي يوم أتفقنا نتقابل وبدأنا نتكلم عن المسيح، وقتها قالتلي عبارة صدمتني جدا لأن شخصيتها علي السوشيال ميديا مكنتش بتدل علي كونها مؤمنه بشكل ما، قالتلي المسيح ده حبيبي! ولما سألتها عن سبب اختيارها للتعبير ده بشكل دقيق كان اختبارها كله بيتلخص في قضية الاختيار… في رحلتها اللي دامت لأكثر من خمس سنين وسط الحيرة والتشتت كان المسيح هو نهاية المطاف بالنسبالها وهو الكافي دايما، رحلتها كانت كلها بحث وتوهان ودموع علي حد قولها، وكان بداية الاختيار جملة قالها المسيح في الكتاب المقدس: “تعالوا إلي يا جميع المتعبين والثقيلي الأحمال، وأنا أريحكم.”

في تفاصيل قصتها كان التعب والحيرة والدموع هما الحاجات اللي بتتكرر بشكل شبه يومي، لحد اليوم اللي بدأت تتعرف فيه علي المسيح وتقبله بكل “اختيارها”، وكان السبب في الاختيار اللي غير حياتها هو إنها شافت في المسيح كل اللي كانت بتدور عليه في رحلتها.

وقتها فكرتني بمقولة قالها القديس اغسطينوس الفيلسوف التائب: ستظل قلوبنا قلقة إلى أن تستريح فيك يا الله.

اختيار المسيح لحياتنا اختيار مختلف تماما عن اختيار احنا بناخده، في اختيارات كتير بناخدها واحنا احيانا مجبرين، أو لعدم وجود خيارات كتير قدامنا مثلا فنختار أحسن الوحشين زي ما بيقولوا، لكن علي العكس تماما في كل الحالات الانسانية اللي قرروا يختاروا المسيح من وسط خيارات كتير جدا، كان المسيح هو الاختيار الجاذب في كل قصة، وتتنوع الاختبارات عن معجزات المسيح في جذب المؤمنين ليه يوميا، وبيقع المسيح دايما في دايرة الاختيار لإنه “اختيار” دايما  ومش اجبار.

تاريخنا يشهد عن قوة المسيح وقدرته الإلهيه علي قدرته علي تغيير الحياة تغيير جذري، ونتايج التغيير دايما كانت واضحة دون شك في حياة كل اللي اختاروا المسيح.

ليه المسيح؟

تعالي نروح ونحاول نتقرب من الناس اللي اختارت المسيح من البداية تمام، لناس اللي شافت المسيح بعيونهم وعاصروه، يحكي لينا الكتاب المقدس عن بداية خدمة المسيح وبشارته، وفي يوم دخل المسيح المجمع اليهودي وهو المكان اللي بيجتمعوا فيه اليهود للصلاة، وبدأ يقرأ نبوة من سفر إشعياء النبي، وكانت البنوة بتقول: روح الرب علي، لأنه مسحني لأبشر المساكين، أرسلني لأشفي المنكسري القلوب، لأنادي للمأسورين بالإطلاق وللعمي بالبصر، وأرسل المنسحقين في الحرية.

وبعد ما تم المسيح قراءة النبوة قالهم: إنه اليوم قد تم هذا المكتوب في مسامعكم!

المسيح وقتها كان بيتكلم عن نفسه، لأن الكتاب المقدس بيكلمنا الوحي الإلهي في العهد القديم عن صفات الله المتجسد اللي هيجي لعالم البشرية عشان يمنحهم الخلاص، خلاص المساكين والبائسين، فرحة لكل حزين، وشفاء كل إنسان كسرته الحياة وهمومها، المسيح كان الحرية لكل المستعبدين من الخطية والشهوات وحتي من نفسهم، المسيح كان بيتكلم عن نفسه بشكل واضح وصريح وعن صفاته اللي بيتطلع ليها كل إنسان بيدور علي الراحة والسلام بعد عناء دام لسنين دون أمل في البحث.

وفي  اختيار المسيح كان الأمل موجود دايما وسط  كل المآسي اللي شافتها الناس في المجتمع اليهودي زمان، وحتي وقتنا ده لسه الناس بتعاني بعيدا عن المسيح، المسيح في سلامه فاق كل عقل وتدبير بشري، حتي دعوة البنوة اللي دعا ليها كل البشرية كانت قايمة علي السلام لما قال: طوبى لصانعي ٱلسلام، لأنهم أبناء ٱلله يدعون.

في اختيار المسيح فرحة وأمل حتي لو كان حزننا مؤقت، المسيح قال لتلاميذه: “فأنتم كذلك، عندكم الآن حزن. ولكني سأراكم أيضا فتفرح قلوبكم، ولا ينزع أحد فرحكم منكم.

يا تري ندموا؟

لما بنيجي نسمع من حد عن نتيجة اختياره لأمر معين بنسأل نفس السؤال: ياتري إنت ندمان دلوقتي؟

طب لو سألنا الناس اللي اختارت المسيح نفس السؤال يا تري ممكن تكون اجابتهم ايه؟

تلاميذ المسيح الاثني عشر كانوا ناس عاديين زيي وزيك عندهم شغلهم واسرتهم وحياتهم الخاصة، لكن وقت لما استجابوا لدعوة المسيح الكتاب المقدس مذكرش أي نوع من الندم علي اختيارهم للمسيح، المسيح دعا تلاميذه بطرس ويعقوب ويوحنا انهم يتبعوه، فيقول الكتاب المقدس: ولما جاءوا بالسفينتين إلى البر تركوا كل شيء وتبعوه.

وحتي نهاية حياتهم كان قرار اختيار المسيح ثابت، فبعد صعود المسيح بدأ التلاميذ بالبشارة بإسم يسوع المسيح في البلاد المختلفة، واتحملوا اضطهادات كتير في سبيل دعوتهم وهدفهم وحتي انهم قدموا حياتهم لأجل الاختيار بكل حرية!

وكنت بسأل نفسي كتير يا تري ايه الدافع القوي اللي يخلي مجموعة من الناس يسسيبوا حياتهم وممتلكاتهم واسرهم وبيوتهم عشان يتبعوا حد موعدهمش بإي مقابل مادي؟ ولكن الاجابة كانت دايما هي المسيح ومعرفة المسيح، المسيح بالنسبة لكل شخص مؤمن هو القيمة اللي مش بيقدر يلاقيها في أي مكان أو اختيار تاني.

حتي بعد صعود يسوع المسيح للسما متوقفش عمله في حياة الإنسان، يكلمنا الكتاب المقدس عن شخصية عظيمة وهو القديس بولس الرسول، في بداية حياته كان يهودي متعصب جدا وبيكره المسيحيين، كان معروف ب شاول الطرسوسي اللي بيضطهد اي حد مؤمن بالمسيح، ولكن بعد دعوة المسيح له وقبوله للدعوة باختياره، يقولنا الكتاب المقدس والتاريخ إن بولس الرسول حب المسيح بطريقة لا توصف، وتعب اكتر من كل الرسل عشان يوصل بشارة المسيح لكل الأمم، ويكتب اربعة عشر رسالة للكنايس المختلفة في كل البلاد اللي وصلها الإيمان المسيحي، وفي النهاية يقدم حياته بكل رضا ويستشهد علي اسم المسيح بعد رحلة طويلة في اختبار مستمر مع المسيح بدأت من اليوم الأول لاختياره للمسيح.

 تاريخ الكنيسة من العصور الأولي للمسيحية حتي أيامنا دي بيكلمنا عن كل الناس اللي اختارت المسيح وكملوا حياتهم في اختيارهم دون ندم أو رجوع عن قرارهم.

شايف نفسي فيك…

زي ما قولنا كل اختيار بيعتمد علي هدف الانسان اللي بيقدر يشوف نفسه فيه، وأنا من ناس كتير جدا بالملايين اللي قدروا يشوفوا نفسهم في المسيح، كل السلام اللي كنت بدور عليه طول حياتي ملقتهوش في مكان غير المسيح، اختيارات كتير اخدتها وكانت نتيجتها الفشل والحسرة علي كل وقت ضاع في نتيجة الاختيار، لكن في المسيح لقينا التجديد والتعويض حتي لو كان اختيارنا في الوقت الضايع وي ما بيقولوا، يقولنا الكتاب المقدس في سفر المزامير عن قدرة المسيح علي العمل في حياة المؤمن: “الذي يشبع بالخير عمرك، فيتجدد مثل النسر شبابك.”

اللي اختار المسيح قدر يلاقي الشبع فيه، قدر يشوف التجديد في الايمان بيه كل يوم، حتي كان وعد المسيح لينا قبل صعوده هو: وها أنا معكم كل الأيام إلى انقضاء الدهر، في المسيح بنلاقي الحضور الإلهي المستمر  في حياتنا، في أبسط تفاصيل حياتنا ووجودنا بنشوف عمله ونعمته المستمرة، عشان كدة بقدر أشوف نفسي في المسيح وبس، لأن المسيح هو صورتنا الأصلية الغير مشوهه من العالم، المسيح جه عالمنا لكنه هزم العالم وادانا النصرة والغلبة علي كل الصعوبات اللي بتقابلنا، وحتي وعده بالسلام والنصرة لينا لسه باقي طول الأيام لما قال: “قد كلمتكم بهذا ليكون لكم في سلام. في العالم سيكون لكم ضيق، ولكن ثقوا: أنا قد غلبت العالم.”

عشان كدة النهاردة تقدر تشوف نفسك من جديد في المسيح وتدخل معايا نفس الرحلة المستمرة من هنا علي الأرض حتي الأبدية وتسأل نفسك السؤال ده: تيجي نختار…….

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *