1

١ كان رجل في أرض عوص ٱسمه أيوب. وكان هذا ٱلرجل كاملا ومستقيما، يتقي ٱلله ويحيد عن ٱلشر. ٢ وولد له سبعة بنين وثلاث بنات. ٣ وكانت مواشيه سبعة آلاف من ٱلغنم، وثلاثة آلاف جمل، وخمس مئة فدان بقر، وخمس مئة أتان، وخدمه كثيرين جدا. فكان هذا ٱلرجل أعظم كل بني ٱلمشرق. ٤ وكان بنوه يذهبون ويعملون وليمة في بيت كل واحد […]

2

١ وكان ذات يوم أنه جاء بنو ٱلله ليمثلوا أمام ٱلرب، وجاء ٱلشيطان أيضا في وسطهم ليمثل أمام ٱلرب. ٢ فقال ٱلرب للشيطان: «من أين جئت؟» فأجاب ٱلشيطان ٱلرب وقال: «من ٱلجولان في ٱلأرض، ومن ٱلتمشي فيها». ٣ فقال ٱلرب للشيطان: «هل جعلت قلبك على عبدي أيوب؟ لأنه ليس مثله في ٱلأرض. رجل كامل ومستقيم يتقي ٱلله ويحيد عن ٱلشر. […]

3

١ بعد هذا فتح أيوب فاه وسب يومه، ٢ وأخذ أيوب يتكلم فقال: ٣ «ليته هلك ٱليوم ٱلذي ولدت فيه، وٱلليل ٱلذي قال: قد حبل برجل. ٤ ليكن ذلك ٱليوم ظلاما. لا يعتن به ٱلله من فوق، ولا يشرق عليه نهار. ٥ ليملكه ٱلظلام وظل ٱلموت. ليحل عليه سحاب. لترعبه كاسفات ٱلنهار. ٦ أما ذلك ٱلليل فليمسكه ٱلدجى، ولا يفرح بين أيام ٱلسنة، ولا يدخلن في […]

4

١ فأجاب أليفاز ٱلتيماني وقال: ٢ «إن ٱمتحن أحد كلمة معك، فهل تستاء؟ ولكن من يستطيع ٱلٱمتناع عن ٱلكلام؟ ٣ ها أنت قد أرشدت كثيرين، وشددت أيادي مرتخية. ٤ قد أقام كلامك ٱلعاثر، وثبت ٱلركب ٱلمرتعشة! ٥ وٱلآن إذ جاء عليك ضجرت، إذ مسك ٱرتعت. ٦ أليست تقواك هي معتمدك، ورجاؤك كمال طرقك؟ ٧ اذكر: من هلك وهو بريء، وأين أبيد ٱلمستقيمون؟ ٨ كما قد رأيت: أن ٱلحارثين إثما، وٱلزارعين […]

5

١ «ادع ٱلآن. فهل لك من مجيب؟ وإلى أي ٱلقديسين تلتفت؟ ٢ لأن ٱلغيظ يقتل ٱلغبي، وٱلغيرة تميت ٱلأحمق. ٣ إني رأيت ٱلغبي يتأصل وبغتة لعنت مربضه. ٤ بنوه بعيدون عن ٱلأمن، وقد تحطموا في ٱلباب ولا منقذ. ٥ ٱلذين يأكل ٱلجوعان حصيدهم، ويأخذه حتى من ٱلشوك، ويشتف ٱلظمآن ثروتهم. ٦ إن ٱلبلية لا تخرج من ٱلتراب، وٱلشقاوة لا تنبت من ٱلأرض، ٧ ولكن ٱلإنسان مولود للمشقة كما […]

6

١ فأجاب أيوب وقال: ٢ «ليت كربي وزن، ومصيبتي رفعت في ٱلموازين جميعها، ٣ لأنها ٱلآن أثقل من رمل ٱلبحر. من أجل ذلك لغا كلامي. ٤ لأن سهام ٱلقدير في وحمتها شاربة روحي. أهوال ٱلله مصطفة ضدي. ٥ هل ينهق ٱلفرا على ٱلعشب، أو يخور ٱلثور على علفه؟ ٦ هل يؤكل ٱلمسيخ بلا ملح، أو يوجد طعم في مرق ٱلبقلة؟ ٧ ما عافت نفسي أن تمسها، هذه صارت […]

7

١ «أليس جهاد للإنسان على ٱلأرض، وكأيام ٱلأجير أيامه؟ ٢ كما يتشوق ٱلعبد إلى ٱلظل، وكما يترجى ٱلأجير أجرته، ٣ هكذا تعين لي أشهر سوء، وليالي شقاء قسمت لي. ٤ إذا ٱضطجعت أقول: متى أقوم؟ ٱلليل يطول، وأشبع قلقا حتى ٱلصبح. ٥ لبس لحمي ٱلدود مع مدر ٱلتراب. جلدي كرش وساخ. ٦ أيامي أسرع من ٱلوشيعة، وتنتهي بغير رجاء. ٧ «اذكر أن حياتي إنما هي ريح، وعيني […]

8

١ فأجاب بلدد ٱلشوحي وقال: ٢ «إلى متى تقول هذا، وتكون أقوال فيك ريحا شديدة؟ ٣ هل ٱلله يعوج ٱلقضاء، أو ٱلقدير يعكس ٱلحق؟ ٤ إذ أخطأ إليه بنوك، دفعهم إلى يد معصيتهم. ٥ فإن بكرت أنت إلى ٱلله وتضرعت إلى ٱلقدير، ٦ إن كنت أنت زكيا مستقيما، فإنه ٱلآن يتنبه لك ويسلم مسكن برك. ٧ وإن تكن أولاك صغيرة فآخرتك تكثر جدا. ٨ «اسأل ٱلقرون ٱلأولى وتأكد مباحث […]

9

١ فأجاب أيوب وقال: ٢ «صحيح. قد علمت أنه كذا، فكيف يتبرر ٱلإنسان عند ٱلله؟ ٣ إن شاء أن يحاجه، لا يجيبه عن واحد من ألف. ٤ هو حكيم ٱلقلب وشديد ٱلقوة. من تصلب عليه فسلم؟ ٥ ٱلمزحزح ٱلجبال ولا تعلم، ٱلذي يقلبها في غضبه. ٦ ٱلمزعزع ٱلأرض من مقرها، فتتزلزل أعمدتها. ٧ ٱلآمر ٱلشمس فلا تشرق، ويختم على ٱلنجوم. ٨ ٱلباسط ٱلسماوات وحده، وٱلماشي على أعالي ٱلبحر. ٩ صانع ٱلنعش وٱلجبار […]

10

١ «قد كرهت نفسي حياتي. أسيب شكواي. أتكلم في مرارة نفسي ٢ قائلا لله: لا تستذنبني. فهمني لماذا تخاصمني! ٣ أحسن عندك أن تظلم، أن ترذل عمل يديك، وتشرق على مشورة ٱلأشرار؟ ٤ ألك عينا بشر، أم كنظر ٱلإنسان تنظر؟ ٥ أأيامك كأيام ٱلإنسان، أم سنوك كأيام ٱلرجل، ٦ حتى تبحث عن إثمي وتفتش على خطيتي؟ ٧ في علمك أني لست مذنبا، ولا منقذ من يدك. ٨ «يداك كونتاني […]

11

١ فأجاب صوفر ٱلنعماتي وقال: ٢ «أكثرة ٱلكلام لا يجاوب، أم رجل مهذار يتبرر؟ ٣ أصلفك يفحم ٱلناس، أم تلخ وليس من يخزيك؟ ٤ إذ تقول: تعليمي زكي، وأنا بار في عينيك. ٥ ولكن يا ليت ٱلله يتكلم ويفتح شفتيه معك، ٦ ويعلن لك خفيات ٱلحكمة! إنها مضاعفة ٱلفهم، فتعلم أن ٱلله يغرمك بأقل من إثمك. ٧ «أإلى عمق ٱلله تتصل، أم إلى نهاية ٱلقدير تنتهي؟ ٨ هو أعلى […]

12

١ فأجاب أيوب وقال: ٢ «صحيح إنكم أنتم شعب ومعكم تموت ٱلحكمة! ٣ غير أنه لي فهم مثلكم. لست أنا دونكم. ومن ليس عنده مثل هذه؟ ٤ رجلا سخرة لصاحبه صرت. دعا ٱلله فٱستجابه. سخرة هو ٱلصديق ٱلكامل. ٥ للمبتلي هوان في أفكار ٱلمطمئن، مهيأ لمن زلت قدمه. ٦ خيام ٱلمخربين مستريحة، وٱلذين يغيظون ٱلله مطمئنون، ٱلذين يأتون بإلههم في يدهم! ٧ «فٱسأل ٱلبهائم فتعلمك، وطيور ٱلسماء […]

13

١ «هذا كله رأته عيني. سمعته أذني وفطنت به. ٢ ما تعرفونه عرفته أنا أيضا. لست دونكم. ٣ ولكني أريد أن أكلم ٱلقدير، وأن أحاكم إلى ٱلله. ٤ أما أنتم فملفقو كذب. أطباء بطالون كلكم. ٥ ليتكم تصمتون صمتا. يكون ذلك لكم حكمة. ٦ اسمعوا ٱلآن حجتي، وٱصغوا إلى دعاوي شفتي. ٧ أتقولون لأجل ٱلله ظلما، وتتكلمون بغش لأجله؟ ٨ أتحابون وجهه، أم عن ٱلله تخاصمون؟ ٩ أخير لكم أن يفحصكم، أم […]

14

١ «الإنسان مولود ٱلمرأة، قليل ٱلأيام وشبعان تعبا. ٢ يخرج كٱلزهر ثم ينحسم ويبرح كٱلظل ولا يقف. ٣ فعلى مثل هذا حدقت عينيك، وإياي أحضرت إلى ٱلمحاكمة معك. ٤ من يخرج ٱلطاهر من ٱلنجس؟ لا أحد! ٥ إن كانت أيامه محدودة، وعدد أشهره عندك، وقد عينت أجله فلا يتجاوزه، ٦ فأقصر عنه ليسترح، إلى أن يسر كٱلأجير بٱنتهاء يومه. ٧ «لأن للشجرة رجاء. إن قطعت تخلف أيضا […]

15

١ فأجاب أليفاز ٱلتيماني وقال: ٢ «ألعل ٱلحكيم يجيب عن معرفة باطلة، ويملأ بطنه من ريح شرقية، ٣ فيحتج بكلام لا يفيد، وبأحاديث لا ينتفع بها؟ ٤ أما أنت فتنافي ٱلمخافة، وتناقض ٱلتقوى لدى ٱلله. ٥ لأن فمك يذيع إثمك، وتختار لسان ٱلمحتالين. ٦ إن فمك يستذنبك، لا أنا، وشفتاك تشهدان عليك. ٧ «أصورت أول ٱلناس أم أبدئت قبل ٱلتلال؟ ٨ هل تنصت في مجلس ٱلله، أو قصرت ٱلحكمة […]

16

١ فأجاب أيوب وقال: ٢ «قد سمعت كثيرا مثل هذا. معزون متعبون كلكم! ٣ هل من نهاية لكلام فارغ؟ أو ماذا يهيجك حتى تجاوب؟ ٤ أنا أيضا أستطيع أن أتكلم مثلكم، لو كانت أنفسكم مكان نفسي، وأن أسرد عليكم أقوالا وأنغض رأسي إليكم. ٥ بل كنت أشددكم بفمي، وتعزية شفتي تمسككم. ٦ «إن تكلمت لم تمتنع كآبتي، وإن سكت فماذا يذهب عني؟ ٧ إنه ٱلآن ضجرني. خربت […]

17

١ «روحي تلفت. أيامي ٱنطفأت. إنما ٱلقبور لي. ٢ «لولا ٱلمخاتلون عندي، وعيني تبيت على مشاجراتهم. ٣ كن ضامني عند نفسك. من هو ٱلذي يصفق يدي؟ ٤ لأنك منعت قلبهم عن ٱلفطنة، لأجل ذلك لا ترفعهم. ٥ ٱلذي يسلم ٱلأصحاب للسلب، تتلف عيون بنيه. ٦ أوقفني مثلا للشعوب، وصرت للبصق في ٱلوجه. ٧ كلت عيني من ٱلحزن، وأعضائي كلها كٱلظل. ٨ يتعجب ٱلمستقيمون من هذا، وٱلبرئ ينتهض على ٱلفاجر. ٩ أما […]

18

١ فأجاب بلدد ٱلشوحي وقال: ٢ «إلى متى تضعون أشراكا للكلام؟ تعقلوا وبعد نتكلم. ٣ لماذا حسبنا كٱلبهيمة، وتنجسنا في عيونكم؟ ٤ يا أيها ٱلمفترس نفسه في غيظه، هل لأجلك تخلى ٱلأرض، أو يزحزح ٱلصخر من مكانه؟ ٥ «نعم! نور ٱلأشرار ينطفئ، ولا يضيء لهيب ناره. ٦ ٱلنور يظلم في خيمته، وسراجه فوقه ينطفئ. ٧ تقصر خطوات قوته، وتصرعه مشورته. ٨ لأن رجليه تدفعانه في ٱلمصلاة فيمشي إلى شبكة. ٩ يمسك ٱلفخ […]

19

١ فأجاب أيوب وقال: ٢ «حتى متى تعذبون نفسي وتسحقونني بٱلكلام؟ ٣ هذه عشر مرات أخزيتموني. لم تخجلوا من أن تحكروني. ٤ وهبني ضللت حقا. علي تستقر ضلالتي! ٥ إن كنتم بٱلحق تستكبرون علي، فثبتوا علي عاري. ٦ فٱعلموا إذا أن ٱلله قد عوجني، ولف علي أحبولته. ٧ ها إني أصرخ ظلما فلا أستجاب. أدعو وليس حكم. ٨ قد حوط طريقي فلا أعبر، وعلى سبلي جعل ظلاما. ٩ أزال عني كرامتي ونزع […]

20

١ فأجاب صوفر ٱلنعماتي وقال: ٢ «من أجل ذلك هواجسي تجيبني، ولهذا هيجاني في. ٣ تعيير توبيخي أسمع. وروح من فهمي يجيبني. ٤ «أما علمت هذا من ٱلقديم، منذ وضع ٱلإنسان على ٱلأرض، ٥ أن هتاف ٱلأشرار من قريب، وفرح ٱلفاجر إلى لحظة! ٦ ولو بلغ ٱلسماوات طوله، ومس رأسه ٱلسحاب، ٧ كجلته إلى ٱلأبد يبيد. ٱلذين رأوه يقولون: أين هو؟ ٨ كٱلحلم يطير فلا يوجد، ويطرد كطيف ٱلليل. ٩ عين أبصرته […]

21

١ فأجاب أيوب وقال: ٢ «اسمعوا قولي سمعا، وليكن هذا تعزيتكم. ٣ احتملوني وأنا أتكلم، وبعد كلامي ٱستهزئوا. ٤ أما أنا فهل شكواي من إنسان، وإن كانت، فلماذا لا تضيق روحي؟ ٥ تفرسوا في وتعجبوا وضعوا ٱليد على ٱلفم. ٦ «عندما أتذكر أرتاع، وأخذت بشري رعدة. ٧ لماذا تحيا ٱلأشرار ويشيخون، نعم ويتجبرون قوة؟ ٨ نسلهم قائم أمامهم معهم، وذريتهم في أعينهم. ٩ بيوتهم آمنة من ٱلخوف، وليس عليهم عصا ٱلله. ١٠ ثورهم يلقح […]

22

١ فأجاب أليفاز ٱلتيماني وقال: ٢ «هل ينفع ٱلإنسان ٱلله؟ بل ينفع نفسه ٱلفطن! ٣ هل من مسرة للقدير إذا تبررت، أو من فائدة إذا قومت طرقك؟ ٤ هل على تقواك يوبخك، أو يدخل معك في ٱلمحاكمة؟ ٥ أليس شرك عظيما، وآثامك لا نهاية لها؟ ٦ لأنك ٱرتهنت أخاك بلا سبب، وسلبت ثياب ٱلعراة. ٧ ماء لم تسق ٱلعطشان، وعن ٱلجوعان منعت خبزا. ٨ أما صاحب ٱلقوة فله ٱلأرض، وٱلمترفع […]

23

١ فأجاب أيوب وقال: ٢ «ٱليوم أيضا شكواي تمرد. ضربتي أثقل من تنهدي. ٣ من يعطيني أن أجده، فآتي إلى كرسيه، ٤ أحسن ٱلدعوى أمامه، وأملأ فمي حججا، ٥ فأعرف ٱلأقوال ٱلتي بها يجيبني، وأفهم ما يقوله لي؟ ٦ أبكثرة قوة يخاصمني؟ كلا! ولكنه كان ينتبه إلي. ٧ هنالك كان يحاجه ٱلمستقيم، وكنت أنجو إلى ٱلأبد من قاضي. ٨ هأنذا أذهب شرقا فليس هو هناك، وغربا فلا أشعر به. ٩ شمالا حيث […]

24

١ «لماذا إذ لم تختبئ ٱلأزمنة من ٱلقدير، لا يرى عارفوه يومه؟ ٢ ينقلون ٱلتخوم. يغتصبون قطيعا ويرعونه. ٣ يستاقون حمار ٱليتامى، ويرتهنون ثور ٱلأرملة. ٤ يصدون ٱلفقراء عن ٱلطريق. مساكين ٱلأرض يختبئون جميعا. ٥ ها هم كٱلفراء في ٱلقفر يخرجون إلى عملهم يبكرون للطعام. ٱلبادية لهم خبز لأولادهم. ٦ في ٱلحقل يحصدون علفهم، ويعللون كرم ٱلشرير. ٧ يبيتون عراة بلا لبس، وليس لهم كسوة في ٱلبرد. ٨ يبتلون من […]

25

١ فأجاب بلدد ٱلشوحي وقال: ٢ «ٱلسلطان وٱلهيبة عنده. هو صانع ٱلسلام في أعاليه. ٣ هل من عدد لجنوده؟ وعلى من لا يشرق نوره؟ ٤ فكيف يتبرر ٱلإنسان عند ٱلله؟ وكيف يزكو مولود ٱلمرأة؟ ٥ هوذا نفس ٱلقمر لا يضيء، وٱلكواكب غير نقية في عينيه. ٦ فكم بٱلحري ٱلإنسان ٱلرمة، وٱبن آدم ٱلدود؟».

26

١ فأجاب أيوب وقال: ٢ «كيف أعنت من لا قوة له، وخلصت ذراعا لا عز لها؟ ٣ كيف أشرت على من لا حكمة له، وأظهرت ٱلفهم بكثرة؟ ٤ لمن أعلنت أقوالا، ونسمة من خرجت منك؟ ٥ «الأخيلة ترتعد من تحت ٱلمياه وسكانها. ٦ ٱلهاوية عريانة قدامه، وٱلهلاك ليس له غطاء. ٧ يمد ٱلشمال على ٱلخلاء، ويعلق ٱلأرض على لا شيء. ٨ يصر ٱلمياه في سحبه فلا يتمزق ٱلغيم تحتها. ٩ يحجب […]

27

١ وعاد أيوب ينطق بمثله فقال: ٢ «حي هو ٱلله ٱلذي نزع حقي، وٱلقدير ٱلذي أمر نفسي، ٣ إنه ما دامت نسمتي في، ونفخة ٱلله في أنفي، ٤ لن تتكلم شفتاي إثما، ولا يلفظ لساني بغش. ٥ حاشا لي أن أبرركم! حتى أسلم ٱلروح لا أعزل كمالي عني. ٦ تمسكت ببري ولا أرخيه. قلبي لا يعير يوما من أيامي. ٧ ليكن عدوي كٱلشرير، ومعاندي كفاعل ٱلشر. ٨ لأنه ما هو […]

28

١ «لأنه يوجد للفضة معدن، وموضع للذهب حيث يمحصونه. ٢ ٱلحديد يستخرج من ٱلتراب، وٱلحجر يسكب نحاسا. ٣ قد جعل للظلمة نهاية، وإلى كل طرف هو يفحص. حجر ٱلظلمة وظل ٱلموت. ٤ حفر منجما بعيدا عن ٱلسكان. بلا موطئ للقدم، متدلين بعيدين من ٱلناس يتدلدلون. ٥ أرض يخرج منها ٱلخبز، أسفلها ينقلب كما بٱلنار. ٦ حجارتها هي موضع ٱلياقوت ٱلأزرق، وفيها تراب ٱلذهب. ٧ سبيل لم يعرفه كاسر، […]

29

١ وعاد أيوب ينطق بمثله فقال: ٢ «يا ليتني كما في ٱلشهور ٱلسالفة وكٱلأيام ٱلتي حفظني ٱلله فيها، ٣ حين أضاء سراجه على رأسي، وبنوره سلكت ٱلظلمة. ٤ كما كنت في أيام خريفي، ورضا ٱلله على خيمتي، ٥ وٱلقدير بعد معي وحولي غلماني، ٦ إذ غسلت خطواتي بٱللبن، وٱلصخر سكب لي جداول زيت. ٧ حين كنت أخرج إلى ٱلباب في ٱلقرية، وأهيئ في ٱلساحة مجلسي. ٨ رآني ٱلغلمان فٱختبأوا، وٱلأشياخ […]

30

١ «وأما ٱلآن فقد ضحك علي أصاغري أياما، ٱلذين كنت أستنكف من أن أجعل آباءهم مع كلاب غنمي. ٢ قوة أيديهم أيضا ما هي لي. فيهم عجزت ٱلشيخوخة. ٣ في ٱلعوز وٱلمحل مهزولون، عارقون ٱليابسة ٱلتي هي منذ أمس خراب وخربة. ٤ ٱلذين يقطفون ٱلملاح عند ٱلشيح، وأصول ٱلرتم خبزهم. ٥ من ٱلوسط يطردون. يصيحون عليهم كما على لص. ٦ للسكن في أودية مرعبة وثقب ٱلتراب […]

31

١ «عهدا قطعت لعيني، فكيف أتطلع في عذراء؟ ٢ وما هي قسمة ٱلله من فوق، ونصيب ٱلقدير من ٱلأعالي؟ ٣ أليس ٱلبوار لعامل ٱلشر، وٱلنكر لفاعلي ٱلإثم؟ ٤ أليس هو ينظر طرقي، ويحصي جميع خطواتي؟ ٥ إن كنت قد سلكت مع ٱلكذب، أو أسرعت رجلي إلى ٱلغش، ٦ ليزني في ميزان ٱلحق، فيعرف ٱلله كمالي. ٧ إن حادت خطواتي عن ٱلطريق، وذهب قلبي وراء عيني، أو لصق عيب […]

32

١ فكف هؤلاء ٱلرجال ٱلثلاثة عن مجاوبة أيوب لكونه بارا في عيني نفسه. ٢ فحمي غضب أليهو بن برخئيل ٱلبوزي من عشيرة رام. على أيوب حمي غضبه لأنه حسب نفسه أبر من ٱلله. ٣ وعلى أصحابه ٱلثلاثة حمي غضبه، لأنهم لم يجدوا جوابا وٱستذنبوا أيوب. ٤ وكان أليهو قد صبر على أيوب بٱلكلام، لأنهم أكثر منه أياما. ٥ فلما رأى أليهو أنه لا […]

33

١ «ولكن ٱسمع ٱلآن يا أيوب أقوالي، وٱصغ إلى كل كلامي. ٢ هأنذا قد فتحت فمي. لساني نطق في حنكي. ٣ استقامة قلبي كلامي، ومعرفة شفتي هما تنطقان بها خالصة. ٤ روح ٱلله صنعني ونسمة ٱلقدير أحيتني. ٥ إن ٱستطعت فأجبني. أحسن ٱلدعوى أمامي. انتصب. ٦ هأنذا حسب قولك عوضا عن ٱلله. أنا أيضا من ٱلطين تقرصت. ٧ هوذا هيبتي لا ترهبك وجلالي لا يثقل عليك. ٨ «إنك قد […]

34

١ فأجاب أليهو وقال: ٢ «ٱسمعوا أقوالي أيها ٱلحكماء، وٱصغوا لي أيها ٱلعارفون. ٣ لأن ٱلأذن تمتحن ٱلأقوال، كما أن ٱلحنك يذوق طعاما. ٤ لنمتحن لأنفسنا ٱلحق، ونعرف بين أنفسنا ما هو طيب. ٥ «لأن أيوب قال: تبررت، وٱلله نزع حقي. ٦ عند محاكمتي أكذب. جرحي عديم ٱلشفاء من دون ذنب. ٧ فأي إنسان كأيوب يشرب ٱلهزء كٱلماء، ٨ ويسير متحدا مع فاعلي ٱلإثم، وذاهبا مع أهل ٱلشر؟ ٩ لأنه قال: […]

35

١ فأجاب أليهو وقال: ٢ «أتحسب هذا حقا؟ قلت: أنا أبر من ٱلله. ٣ لأنك قلت: ماذا يفيدك؟ بماذا أنتفع أكثر من خطيتي؟ ٤ أنا أرد عليك كلاما، وعلى أصحابك معك. ٥ انظر إلى ٱلسماوات وأبصر، ولاحظ ٱلغمام. إنها أعلى منك. ٦ إن أخطأت فماذا فعلت به؟ وإن كثرت معاصيك فماذا عملت له؟ ٧ إن كنت بارا فماذا أعطيته؟ أو ماذا يأخذه من يدك؟ ٨ لرجل مثلك شرك، ولٱبن آدم […]

36

١ وعاد أليهو فقال: ٢ «ٱصبر علي قليلا، فأبدي لك أنه بعد لأجل ٱلله كلام. ٣ أحمل معرفتي من بعيد، وأنسب برا لصانعي. ٤ حقا لا يكذب كلامي. صحيح ٱلمعرفة عندك. ٥ «هوذا ٱلله عزيز، ولكنه لا يرذل أحدا. عزيز قدرة ٱلقلب. ٦ لا يحيي ٱلشرير، بل يجري قضاء ٱلبائسين. ٧ لا يحول عينيه عن ٱلبار، بل مع ٱلملوك يجلسهم على ٱلكرسي أبدا، فيرتفعون. ٨ إن أوثقوا بٱلقيود، إن […]

37

١ «فلهذا ٱضطرب قلبي وخفق من موضعه. ٢ ٱسمعوا سماعا رعد صوته وٱلزمزمة ٱلخارجة من فيه. ٣ تحت كل ٱلسماوات يطلقها، كذا نوره إلى أكناف ٱلأرض. ٤ بعد يزمجر صوت، يرعد بصوت جلاله، ولا يؤخرها إذ سمع صوته. ٥ ٱلله يرعد بصوته عجبا. يصنع عظائم لا ندركها. ٦ لأنه يقول للثلج: ٱسقط على ٱلأرض. كذا لوابل ٱلمطر، وابل أمطار عزه. ٧ يختم على يد كل إنسان، ليعلم كل […]

38

١ فأجاب ٱلرب أيوب من ٱلعاصفة وقال: ٢ «من هذا ٱلذي يظلم ٱلقضاء بكلام بلا معرفة؟ ٣ اشدد ٱلآن حقويك كرجل، فإني أسألك فتعلمني. ٤ أين كنت حين أسست ٱلأرض؟ أخبر إن كان عندك فهم. ٥ من وضع قياسها؟ لأنك تعلم! أو من مد عليها مطمارا؟ ٦ على أي شيء قرت قواعدها؟ أو من وضع حجر زاويتها، ٧ عندما ترنمت كواكب ٱلصبح معا، وهتف جميع بني ٱلله؟ ٨ «ومن […]

39

١ «أتعرف وقت ولادة وعول ٱلصخور، أو تلاحظ مخاض ٱلأيائل؟ ٢ أتحسب ٱلشهور ٱلتي تكملها، أو تعلم ميقات ولادتهن؟ ٣ يبركن ويضعن أولادهن. يدفعن أوجاعهن. ٤ تبلغ أولادهن. تربو في ٱلبرية. تخرج ولا تعود إليهن. ٥ «من سرح ٱلفراء حرا، ومن فك ربط حمار ٱلوحش؟ ٦ ٱلذي جعلت ٱلبرية بيته وٱلسباخ مسكنه. ٧ يضحك على جمهور ٱلقرية. لا يسمع زجر ٱلسائق. ٨ دائرة ٱلجبال مرعاه، وعلى كل خضرة يفتش. ٩ «أيرضى […]

40

١ فأجاب ٱلرب أيوب فقال: ٢ «هل يخاصم ٱلقدير موبخه، أم ٱلمحاج ٱلله يجاوبه؟». ٣ فأجاب أيوب ٱلرب وقال: ٤ «ها أنا حقير، فماذا أجاوبك؟ وضعت يدي على فمي. ٥ مرة تكلمت فلا أجيب، ومرتين فلا أزيد». ٦ فأجاب ٱلرب أيوب من ٱلعاصفة فقال: ٧ «ٱلآن شد حقويك كرجل. أسألك فتعلمني. ٨ لعلك تناقض حكمي، تستذنبني لكي تتبرر أنت؟ ٩ هل لك ذراع كما لله، وبصوت مثل صوته ترعد؟ ١٠ تزين ٱلآن بٱلجلال وٱلعز، […]

41

١ «أتصطاد لوياثان بشص، أو تضغط لسانه بحبل؟ ٢ أتضع أسلة في خطمه، أم تثقب فكه بخزامة؟ ٣ أيكثر ٱلتضرعات إليك، أم يتكلم معك بٱللين؟ ٤ هل يقطع معك عهدا فتتخذه عبدا مؤبدا؟ ٥ أتلعب معه كٱلعصفور، أو تربطه لأجل فتياتك؟ ٦ هل تحفر جماعة ٱلصيادين لأجله حفرة، أو يقسمونه بين ٱلكنعانيين؟ ٧ أتملأ جلده حرابا ورأسه بإلال ٱلسمك؟ ٨ ضع يدك عليه. لا تعد تذكر ٱلقتال! ٩ هوذا ٱلرجاء به كاذب. […]

42

١ فأجاب أيوب ٱلرب فقال: ٢ «قد علمت أنك تستطيع كل شيء، ولا يعسر عليك أمر. ٣ فمن ذا ٱلذي يخفي ٱلقضاء بلا معرفة؟ ولكني قد نطقت بما لم أفهم. بعجائب فوقي لم أعرفها. ٤ اسمع ٱلآن وأنا أتكلم. أسألك فتعلمني. ٥ بسمع ٱلأذن قد سمعت عنك، وٱلآن رأتك عيني. ٦ لذلك أرفض وأندم في ٱلتراب وٱلرماد». ٧ وكان بعدما تكلم ٱلرب مع أيوب بهذا ٱلكلام، أن […]